الصوت الحر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصوت الحر

(( نور الوطن ضيائنا .. مج ـــد الوطن طريقنا ))
 
الرئيسيةاغلاق كاملأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم كمال
Progress | 10%
Progress | 10%
ابراهيم كمال


النوع : ذكر
الدولة : بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Ye10
عدد المساهمات : 176
نقاط المكتسبه : 26641
التقييم : 5
المزاج : فل
الأوسمة :
بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره 10010

بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Empty
مُساهمةموضوع: بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره   بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Emptyالثلاثاء يونيو 01, 2010 7:30 pm

بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره 5464564
بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره

إن الناس اختلفوا في بدء ظهور هذه
الكلمة واستعمالها كاختلافهم في أصله وتعريفه , فذكر ابن تيمية وسبقه ابن
الجوزي وابن خلدون في هذا أن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة
الأولى , وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك , وقد نقل التكلم به عن غير واحد
من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل , وأبي سليمان الداراني وغيرهما ,
وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به , وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري .

وقال
السراج الطوسي في الباب الذي خصصه للرد على من قال : لم نسمع بذكر الصوفية
في القديم وهو إسم مستحدث : يقول في هذا الباب :
( إن سأل سائل فقال :
لم نسمع بذكر الصوفية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم
أجمعين , ولا فيمن كان بعدهم , ولا نعرف إلا العبّاد والزُّهاد
والسيَّاحين والفقراء , وما قيل لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم : صوفي , فنقول وبالله التوفيق .

الصحبة مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم لها حرمة , وتخصيص من شمله ذلك , فلا يجوز أن يعلق عليه اسم على
أنه أشرف من الصحبة , وذلك لشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمته ,
ألا ترى أنهم أئمة الزهاد والعباد والمتوكلين والفقراء والراضين والصابرين
والمختبين , وغير ذلك , وما نالوا جميع ما نالوا إلا ببركة الصحبة مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم , فلما نسبوا إلى الصحبة والتي هي أجل الأحوال
استحال أن يفضلوا بفضيلة غير الصحبة التي هي أجل الأحوال وبالله التوفيق .

وأما
قول القائل : إنه اسم محدث أحدثه البغداديون , فمحال , لأن في وقت الحسن
البصري رحمه الله كان يعرف هذا الاسم , وكان الحسن قد أدرك جماعة من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم , وقد رُوي عنه أنه قال : رأيت
صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال : معي أربعة دوانيق يكفيني ما
معي .
وروي عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال : لولا أبو هاشم الصوفي
ما عرفت دقيق الرياء , وقد ذكر الكتاب الذي جُمع فيه أخبار مكة عن محمد
بن إسحاق بن يسار , وعن غيره يذكر فيه حديثاً : أنه قبل الإسلام قد خلت مكة
في وقت من الأوقات , حتى كان لا يطوف بالبيت أحد , وكان يجيء من بلد بعيد
رجل صوفي فيطوف بالبيت وينصرف , فإن صح ذلك فإنه يدل على أنه قبل الإسلام
كان يعرف هذا الاسم , وكان يُنسب إليه أهل الفضل والصلاح , والله أعلم ) .

وبمثل
ذلك قال السهروردي : ( وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه
وسلم , وقيل : كان في زمن التابعين – ثم نقل عن الحسن البصري وما نقلناه
عن الطوسي أيضا – ثم قال : وقيل : لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من
الهجرة العربية ) .

وصرح عبد الرحمن الجامي :
( أن أبا هاشم
الكوفي أول من دعى بالصوفي , ولم يسم أحد قبله بهذا الاسم , كما أن أول
خانقاه بني للصوفية هو ذلك الذي في رملة الشام , والسبب في ذلك أن الأمير
النصراني كان قد ذهب للقنص فشاهد فشاهد شخصين من هذه الطائفة الصوفية سنح
له لقاؤهما وقد احتضن أحدهما الآخر وجلسا هناك , وتناولا معا كل ما كان
معهما من طعام , ثم سارا لشأنهما , فسرّ الأمير النصراني من معاملتهما
وأخلاقهما , فاستدعى أحدهما , وقال له : من هو ذاك ؟
قال : لا أعرفه ,
قال : وما صلتك به ؟ .
قال : لا شيء . قال : فمن كان ؟ .
قال : لا
أدري , فقال الأمير : فما هذه الألفة التي كانت بينكما ؟ .
فقال الدرويش
: إن هذه طريقتنا , قال : هل لكم من مكان تأوون إليه ؟ .
قال : لا ,
قال : فإني أقيم لكما محلا تأويان إليه , فبنى لهما هذه الخانقاه في الرملة
) .

وأما القشيري فقال : اشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل
المائتين من الهجرة ) .

وأما الهجويري فلقد ذكر أن التصوف كان
موجودا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وباسمه , واستدل بحديث موضوع
مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من سمع صوت أهل
التصوف فلا يؤمن على دعائهم كتب عند الله من الغافلين ) .

مع أنه
نفسه كتب في نفس الباب في آخره شارحا كلام أبي الحسن البوشنجي ( التصوف
اليوم اسم بلا حقيقة , وقد كان من قبل حقيقة بلا اسم ) فكتب تحته موضحا :

(
يعني أن هذا الاسم لم يكن موجودا وقت الصحابة والسلف , وكان المعنى موجودا
في كل منهم , والآن يوجد الاسم , ولا يوجد المعنى ) .

وأما
المستشرقون الذين كتبوا عن التصوف , ويعدون من موالي الصوفية وأنصارهم ,
فمنهم نيكلسون فإنه يرى مثل ما يراه الجامي أن لفظة التصوف أطلقت أول ما
أطلقت على أبي هاشم الكوفي المتوفى سنة 150 ه .
ولكن المستشرق الفرنسي
المشهور ما سينيون يرى غير ذلك , فيقول :

ورد لفظ الصوفي لأول مرة
في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي إذ نعت به جابر بن
حيان , وهو صاحب كيمياء شيعي من أهل الكوفة , له في الزهد مذهب خاص , وأبو
هاشم الكوفي الصوفي المشهور .

أما صيغة الجمع ( الصوفية ) التي ظهرت
عام 189 هـ ( 814 م ) في خبر فتنة قامت بالأسكندرية فكانت تدل قرابة ذلك
العهد على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكاد يكون شيعيا نشأ في الكوفة ,
وكان عبدك الصوفي آخر أئمته , وهو من القائلين بأن الإمامة بالإرث والتعيين
, وكان لا يأكل اللحم , وتوفى ببغداد حوالي عام 210 هـ .

وإذن
فكلمة صوفي كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة ) .

وقال أيضا :
صاحب
عزلة بغدادي , وهو أول من لقب بالصوفي , وكان هذا اللفظ يومئذ يدل على بعض
زهاد الشيعة بالكوفة , وعلى رهط من الثائرين بالأسكندرية , وقد يعدّ من
الزنادقة بسبب إمتناعه عن أكل اللحم , ويريد الأستاذ أول من لقب بالصوفي في
بغداد كما يؤخذ مما نقله عن الهمذاني , ونصه :
( ولم يكن السالكون لطرق
الله في الأعصار السالفة والقرون الأولى يعرفون باسم المتصوفة , وإنما
الصوفي لفظ أشتهر في القرن الثالث , وأول من سمي ببغداد بهذا الاسم عبدك
الصوفي , وهو من كبار المشائخ وقدمائهم , وكان قبل بشر بن الحارث الحافي
والسري بن المفلس السقطي ) .

والجدير بالذكر أن هؤلاء الثلاثة
الذين يقال عنهم بأنهم أول من سمّو بهذا الاسم , وتلقبوا بهذا اللقب
مطعونون في مذاهبهم وعقائدهم , ورمى كل واحد منهم بالفسق والفجور وحتى
الزندقة , وخاصة جابر بن حيان , وعبدك كما سيأتي ذلك مفصلا في محله من
الكتاب إن شاء الله .

وقد سبق كلام شيخ الاسلام ابن تيمية حيث قال :
( إن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة , وإنما اشتهر التكلم
به بعد ذلك ) .

وبمثل ذلك قال ابن خلدون .
فخلاصة الكلام أن
الجميع متفقون على حداثة هذا الاسم , وعدم وجوده في عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالحين .

نعم, كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم أزهد خلق الله في الدنيا وزخارفها , وأصحابه على سيرته وطريقته ,
يعدّون الدنيا وما فيها لهوا ولعبا , زائلة فانية , والأموال والأولاد
فتنة ابتلي المؤمنون بها , فلم يكونوا يجعلون أكبر همهم إلا ابتغاء مرضاة
الله , يرجون لقاءه وثوابه , ويخافون غضبه وعقابه , آخذين من الدنيا ما
أباح الله لهم أخذه , ومجتنبين عنها ما نهى الله عنه , سالكين مسلك
الاعتدال , منتهجين منهج المقتصد , غير باغين ولا عادين , مفرطين ولا
متطرفين , وعلى رأسهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الراشدون ,
وبقية العشرة المبشرة , ثم البدريون , ثم أصحاب بيعة الرضوان , ثم
السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار , ثم عامة الأصحاب , على ترتيب
الأفضلية كما مرّ سابقا في الفصل الأول من هذا الباب .
وتبعهم في ذلك
التابعون لهم بإحسان , واتباع التابعين , أصحاب خير القرون , المشهود لهم
بالخير والفضيلة , ولم يكن لهؤلاء كلهم في غير رسول الله أسوة ولا قدوة ,
الذي قال فيه جل وعلا :
{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى 6 وَوَجَدَكَ
ضَالًّا فَهَدَى 7 وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى 8 فَأَمَّا الْيَتِيمَ
فَلَا تَقْهَرْ 9 وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ 10 وَأَمَّا
بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ 11 }
والذي إذا وجد طعاما فأكل وشكر ,
وإذا لم يجد فرضي وصبر , وأحب لبس الثياب البيض , واكتسب جبّة رومية , ونهى
عن التصدق بأكثر من ثلث المال , وأمر بحفظ حقوق النفس والأهل والولد ,
ونهى عن تعذيب النفس و اتعاب الجسد والبدن , وحرّص متبعيه على طلب الحلال
, وطلب الحسنات في الدنيا والآخرة , ومنع الله تعالى من التعنت والتطرف في
ترك الدنيا وطيباتها في آيات كثيرة في القرآن الكريم , سنوردها في موضعها
من الكلام إن شاء الله .

ثم خلف من بعدهم خلف فتطرفوا , وذهبوا
بعيدا في نعيم الدنيا وزخارفها , وفتحت عليهم أبواب الترف والرخاء , ودرّت
عليهم الأرض والسماء , وأقبلت عليهم الدنيا بكنوزها وخزائنها , وفتحت عليهم
الآفاق فانغمسوا في زخارفها وملذاتها , وبخاصة العرب الفاتحون الغزاة ,
والغالبون الظاهرون , فحصل ردّ الفعل , وفي نفوس المغلوبين المغزوين
والمقهورين , من الموالي والفرس والمفلسين وأصحاب النفوس الضعيفة المتوانية
خاصة , فهربوا عن الحياة ومناضلتها , وجدّها وكدّها , ولجأوا إلى
الخانقاوات والتكايا والزوايا والرباطات , فرارا من المبارزة والمناضلة ,
وصبغوا هذا الفرار والانهزام وردّ الفعل صبغة دينية , ولون قداسة وطهارة ,
وتنزه وقرابة , كما كان هنالك أسباب ودوافع ومؤثرات أخرى , وكذلك أيدي خفية
دفعتهم إلى تكوين فلسفة جديدة للحياة , وطراز آخر من المشرب والمسلك ,
وأسلوب جديد للعيش والمعاش , فظهر التصوف بصورة مذهب مخصوص , وبطائفة
مخصوصة اعتنقه قوم , وسلكه أشخاص ساذجون بدون تفكير كثير , وتدبر عميق
كمسلك الزهد , ووسيلة التقرب إلى الله , غير عارفين بالأسس التي قام عليها
هذا المشرب , والقواعد التي أسس عليها هذا المذهب , بسذاجة فطرية , وطيبة
طبيعية , كما تستر بقناعه , وتنقب بنقابه بعض آخرون لهدم الإسلام وكيانه ,
وإدخال اليهودية والمسيحية في الإسلام , وأفكارهما من جانب , والزرادشتية
والمجوسية والشعوبية من جانب آخر , وكذلك الهندوكية والبوذية والفلسفة
اليونانية الأفلاطونية من ناحية أخرى , وتقويض أركان الإسلام وإلغاء تعاليم
سيد الرسل صلى الله عليه وسلم , ونسخ الإسلام وإبطال شريعته بنعرة وحدة
الوجود , ووحدة الأديان , وإجراء النبوة , وترجيح من يسمى بالولي على
أنبياء الله ورسله , ومخالفة العلم , والتفريق بين الشريعة والحقيقة ,
وترويج الحكايات والأباطيل والأساطير , باسم الكرامات والخوارق وغير ذلك من
الخلافات والترهات .

فلم يظهر التصوف مذهبا ومشربا , ولم يرج
مصطلحاته الخاصة به , وكتبه , ومواجيده وأناشيده , تعاليمه وضوابطه , أصوله
وقواعده , وفلسفته , ورجاله وأصحابه إلا في القرن الثالث من الهجرة وما
بعده .

وبذلك يقول ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس :
( كانت
النسبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأيمان والإسلام . فيقال :
مسلم ومؤمن , ثم حدث اسم زاهد وعابد , ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد
, فتخلوا عن الدنيا , وانقطعوا إلى العبادة , واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا
بها , وأخلاقا تخلقوا بها , ثم قال : وهذا الاسم ظهر للقوم قبل سنة مائتين
, ولما أظهره أوائلهم تكلموا فيه , وعبروا عن صفته بعبارات كثيرة ,
وحاصلها أن التصوف عندهم رياضة النفس , ومجاهدة الطبع بردّه عن الأخلاق
الرذيلة , وجعله على الأخلاق الجميلة من الزهد والحلم والصبر والإخلاص
والصدق إلى غير ذلك من الخصال الحسنة التي تكسب المدائح في الدنيا والثواب
في الأخرى ... وعلى هذا كان أوائل القوم , فلبّس عليهم إبليس في أشياء , ثم
لبس على بعدهم من تابعيهم فكلما مضى قرن زاد طمعه في القرن التالي فزاد
تلبيسه عليهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن .
وكان أصل تلبيسه
عليهم أنه صدهم عن العلم وأراهم أن المقصود العمل فلما أطفأ مصباح العلم
عندهم تخبطوا في الظلمات . فمنهم من أراه أن المقصود من ذلك ترك الدنيا في
الجملة فرفضوا مايصلح أبدانهم . وشبهوا المال بالعقارب , ونسوا أنه خلق
للمصالح وبالغوا في الحمل على النفوس حتى أنه كان فيهم من لا يضطجع وهؤلاء
كانت مقاصدهم حسنة غير أنهم على غير الجادة . وفيهم من كان لقلة علمه يعمل
بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري .

ثم جاء أقوام
فتكلموا لهم في الجوع والفقر والوسواس والخطرات وصنفوا في ذلك مثل الحارث
المحاسبي . وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه بها من
الاختصاص بالمرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق وتميزوا بزيادة النظافة
والطهارة . ثم مازال الأمر ينمى والأشياخ يضعون لهم أوضاعا ويتكلمون
بواقعاتهم . ويتفق بعدهم عن العلماء لا بل رؤيتهم ما هم فيه أوفى العلوم
حتى سموه العلم الباطن وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر . ومنهم من خرج به
الجوع إلى الخيالات الفاسدة فادعى عشق الحق والهيمان فيه فكأنهم تخايلوا
شخصا مستحسن الصورة فهاموا به . وهؤلاء بين الكفر والبدعة ثم تشعبت بأقوام
منهم الطرق . ففسدت عقائدهم . فمن هؤلاء من قال بالحلول ومنهم من قال
بالإتحاد . وما زال إبليس يخبطهم بفنون البدع حتى جعلوا لأنفسهم سننا وجاء
أبو عبد الرحمن السلمي فصنف لهم كتاب السنن وجمع لهم حقائق التفسير فذكر
عنهم فيه العجب في تفسيرهم القرآن بما يقع لهم من غير إسناد ذلك إلى أصل من
أصول العلم . وإنما حملوه على مذاهبهم . والعجب من ورعهم في الطعام
وانبساطهم في القرآن . وقد أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن القزاز , قال :
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال : قال لي محمد بن يوسف القطان النيسابوري قال
كان أبو عبد الرحمن السلمي غير ثقة ولم يكن سمع من الأصم إلا شيئا يسيراً
فلما مات الحاكم أبو عبد الله بن البيع حدث عن الأصم بتاريخ يحيى بن معين
وبأشياء كثيرة سواه . وكان يضع للصوفية الأحاديث .
وصنف لهم أبو نصر
السراج كتابا سماه لمع الصوفية ذكر فيه من الاعتقاد القبيح والكلام المرذول
ما سنذكر منه جملة إن شاء الله تعالى . وصنف لهم أبو طالب المكي قوت
القلوب فذكر فيه الأحاديث الباطلة ومالا يستند فيه من أصل من صلوات الأيام
والليالي وغير ذلك من الموضوع وذكر فيه الاعتقاد الفاسد . وردد فيه قول –
قال بعض الكاشفين – وهذا كلام فارغ وذكر فيه عن بعض الصوفية إن الله عز وجل
يتجلى في الدنيا لأوليائه . أخبرنا أبو منصور القزاز أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال : قال أبو طاهر محمد بن العلاف , قال : دخل أبو طالب المكي إلى
البصرة بعد وفاة أبي الحسين بن سالم فانتمى إلى مقالته وقدم بغداد فاجتمع
الناس عليه في مجلس الوعظ فخلط في كلامه فحفظ عنه أنه قال : ليس على
المخلوق أضر من الخالق . فبدعة الناس وهجروه فامتنع من الكلام على الناس
بعد ذلك قال الخطيب : وصنف أبو طالب المكي كتابا سماه قوت القلوب على لسان
الصوفية وذكر فيه أشياء منكرة مستبشعة في الصفات .

وجاء أبو نعيم
الأصبهاني فصنف لهم كتاب الحلية . وذكر في حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة
ولم يستح أن يذكر في الصوفية أبابكر وعمر وعثمان وعلياً وسادات الصحابة رضي
الله عنهم . فذكر عنهم فيه العجب وذكر منهم شريحاً القاضي والحسن البصري
وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وكذلك ذكر السلمي في طبقات الصوفية الفضيل
وإبراهيم وإبراهيم بن أدهم ومعروفاً الكرخي وجعلهم من الصوفية بأن أشار إلى
أنهم من الزهاد .

فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد ويدل على
الفرق بينهما . أن الزهد لم يذمه أحد وقد ذموا التصوف على ما سيأتي ذكره
وصنف لهم عبد الكريم بن هوازن القشيري كتاب الرسالة فذكر فيها العجائب من
الكلام في الفناء والبقاء , والقبض , والبسط , والوقت , والحال , والوجد
والوجود , والجمع و والتفرقة , والصحو والسكر , والذوق , والشرب , والمحو ,
والإثبات , والتجلي , والمحاضرة والمكاشفة , واللوائح والطوالع , واللوامع
, والتكوين , والتمكين والشريعة , والحقيقة . إلى غير ذلك من التخليط الذي
ليس بشيء وتفسيره وأعجب منه , وجاء محمد بن طاهر المقدسي فصنف لهم صفوة
التصوف فذكر فيه أشياء يستحي العاقل من ذكرها سنذكر منها ما يصلح ذكره في
مواضعه إن شاء الله تعالى .

وكان شيخنا أبو الفضل بن ناصر الحافظ
يقول : كان ابن طاهر يذهب مذهب الإباحة : قال وصنف كتاباً في جواز النظر
إلى المراد أورد فيه حكاية عن يحيى بن معين قال : رأيت جارية بمصر مليحة
صلى الله عليها . فقيل له تصلي عليها فقال صلى الله عليها وعلى كل مليح .
قال شيخنا ابن ناصر , وليس ابن طاهر بمن يحتج به , وجاء أبو حامد الغزالي
فصنف لهم كتاب الإحياء على طريقة القوم وملأه بالأحاديث الباطلة وهو لا
يعلم بطلانها وتكلم في علم المكاشفة وخرج عن قانون الفقه , وقال أن المراد
بالكوكب والشمس والقمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حجب
الله عز وجل ولم يرد هذه المعروفات . وهذا من جنس كلام الباطنية . وقال في
كتابه المفصح بالأحوال . إن الصوفية في يقظتهم يشاهدون الملائكة وأرواح
الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد ثم يترقى الحال من
مشاهدة الصورة إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق ) .
فهكذا كوّن هذا
المذهب , وصار مستقلا بمبادئه وآرائه , وله مصادره ومراجعه , وتعاليمه
ورسومه .
وإلى هنا نأتي إلى آخر هذا الباب .

المشاركة الأصلية والمصدر
http://www.frsanaltwhed.co.cc/montada-f5/topic-t1677.htm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
tamer
Progress | 10%
Progress | 10%
tamer


النوع : ذكر
الدولة : بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Bh10
عدد المساهمات : 166
نقاط المكتسبه : 26321
التقييم : 5
المزاج : رايق
الأوسمة :
بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره 10010

بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Empty
مُساهمةموضوع: رد: بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره   بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Emptyالثلاثاء يونيو 01, 2010 7:57 pm

شكرا علي مجهودك الجبار
وربنا يوفقك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابراهيم كمال
Progress | 10%
Progress | 10%
ابراهيم كمال


النوع : ذكر
الدولة : بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Ye10
عدد المساهمات : 176
نقاط المكتسبه : 26641
التقييم : 5
المزاج : فل
الأوسمة :
بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره 10010

بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Empty
مُساهمةموضوع: رد: بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره   بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Emptyالثلاثاء يونيو 01, 2010 10:21 pm

بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Ghhfgh
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
محمد الماجيك
New Member
New Member
avatar


النوع : ذكر
الدولة : الوطن العربي
عدد المساهمات : 49
نقاط المكتسبه : 25635
التقييم : 5
الموقع : https://el7or.ahlamontada.com/
المزاج : زي الفل

بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Empty
مُساهمةموضوع: رد: بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره   بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره Emptyالأربعاء يونيو 02, 2010 4:12 pm

مشكورين لك بارك الله فيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بَدْءُ التّصَوّفِ وَظهُوره
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أصْلُ التّصَوّفِ وَاشْتقاقهِ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الصوت الحر  :: صوتك الي لازم نسمعه :: إسلاميـــــــات-
انتقل الى: