أمسك قلمي وأكتب بهدوء وأضعك يا كفني بجوار وسادتي ولن تقف حروفي أو تسقط خجلة أو خائفة أمام بياضك وهيبتك! أنت تظن إنني في قمة الجنون أن أعشق كفن الموت! سأعترف بالكفن كي أتأقلم على الموت ! ويسألني البعض لما تحب كفنك ؟ أفقدت إحساسك بالحياة ولا أملك لهم جواب وقد يظن باإنها أوهام ! وقد يكون تفكيري بأنه خرافي! لماذا الخوف وأرواحنا أوت إلى أكفانها وهي على قيد الحياة.
ماذا قدمت لنفسك؟ هل تستحق هذا الكفن الأبيض؟ اعذروني على هذه التساؤلات ولكن الموت ولبس الكفن حق و لابد أن نقف هنا عنده ! موت كثير هنا وهناك كل يوم نسمع بأسماء قد سبقتنا إلى هناك إلى العالم أللآخر إلى البرزخ حيث الحياة دون الحياة.
فهل لبس الأكفان البيضاء بدعة أو صرعة ؟ كفن ...كفن ...كفن كلمة تتكرر على ألسنة البشر وتسطرها الأقلام رغم خوفنا منها. دعوني آت بتعريف الكفن من عدستي الضيقة فسأعتبره بعض تأملاتي وإحدى فلسفاتي. أتخيل كفني يكلمني ويعانقني وطوال الوقت يلازمني!
أتعجب من يبكي على قبور الأمل ويعيش في كهوف الألم ! أنا لا اختار الحزن في حروفي محاول إيجاد مواطن رائعة لسطوري رغم إنها تسكن قلبي وفكري.
أشعر بالموت حتى هذه اللحظة وأكيد لن أموت إلا مرة واحدة أشكرك يا كفني لإقناعي بحب الموت ولقد تعودت على مصاحبة الموت ومصادقته ولم أعد أخاف منه فا أتخيله بر أمان بعيد عن الحياة, وحياتنا هي حزن على حزن على حزن أصبحت الحياة تشبه الموت!
نسيت أن أخبركم أقوم الليل وأنا غارق بالدموع فالدنيا ضيقة مثل القبر فا أنا أنتظر الموت بل جهزت كفني للحياة الأخرى منذ سنوات وكفني يلازمني ليل نهار! و هذه أصدق لقطة ناطقة أن أدرك ومنذ 15عاما أنام وأغمض عيني وكفني معي في غرفتي وأنا عاجزماذا أفعل حيال كفني الأبيض, نحن بني آدم نفارق الحياة ونجرد من الثياب والزينة وماي بقي إلا قطعة من قماش تسترنا في بلد بلا أحياء !
انتظر لحظة يا عزيز وخذ كفنك بنفسك واختار بذوقك قبل أن تغادري عالمك المزيف التافه إلى عالم البياض وعالم السماء والطهارة أما آن الأوان أن نراجع أنفسنا وإن ننتبه من غفلتنا , تذكري لن يدخل القبر معك سوى كفنك وعملك ولن تستطيع أن تغيري لون كفنك!
ل
أتصور بين حين وآخر كأني أسمع صوت القرآن الكريم "والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق" لا أجرأ على التعليق فهي آية صريحة واضحة! يا كفني وجودك معي يضيء ليلي بشموع ودموع.
لقد نوهت بأن كفني يرقد بجواري في غرفتي وله رائحة الموت دون صوت وإن كان له ملمس!
ما شاء الله عليك يا كفني ألا تكتفي بتحيتي كلما دخلت أنا غرفتي تبتسم لي وتذكرني بأنك آخر من يكون معي وأنا آخر من أسكن فيك!
يقول لي كفني هامسا لا تقلق بكرة لن نفترق فا أرد عليه لن أذهب إليك وفي جسدي حياة ولن ألبسك بنفسي فأعتذر من أحبتي برهبة رؤيتهم لي وأنا أرتدي كفني ! وأصرح جازم لا أحد يسأل حينها من أين هذا الكفن إعجابا بذلك أو رغبة في منافستي بارتدائه! يا لها من لحظة رهيبة!
لن تخرس صوتي يا كفني فكلماتي لك تحرس كل سطوري وتصرخ قائلة أشتاق لك فلا تبتعد عني يا كفني لا أدري أي ظرف مكان أو زمان تحويني ولن أصرخ وأقول أين أنت؟ لن أخذلك ولن تخذلني!
.
أنا هنا يا سيد الأكفان أفسح ذراعاي لك رغم إنك بلا أكمام ولا حتى جيوب وسأبقى هنا وستبقى معي حتى نلتقي وحينها سيفتقد بيتي وغرفتي كفني وصاحب الكفن! يا وجع نفسي وروحي بفراق جسدي وعزاءي لن يتركني كفني وحدي فأنا ضممته في غرفتي سنوات وسنوات وحاشاه أن يكون جاحدا لي!
أشعر هذه اللحظة بالموت واشكر الله لأنه أكسبني صداقة الكفن دون كراهية ولا عداوة! لدي أمنية واحدة أن يهبني الله بعض الوقت لأحضن كفني الطاهر وأشمه لأتأقلم على رائحته فهو الدائم الباقي لي!
أصرخ بصمت أي قدر هذا! وبارتداء الكفن سيسدل الستار فلا تبكي يا سماء ولا تبكيني يا أحبتي ودعوني أرحل وأنا أزهو بلون البياض وأهلي من بعدي يلبسون السواد! ماذا فعلت بي أيها الكفن؟ كل هذا وفاء منك أم جفاء!
أرحمني وبدد وحشتي ولا تتركني أقسم عليك بأغلظ الإيمان أن تسترني فا أنا سأبقى بلا عنوان بعد إن حواني قبري ! وهل حقا يا كفن ستتحول بقدرة قادر إلى أحزان!؟ أنت بهذا تخنقني الأوهام بك اقتل غربتي ووحدتي وإن كنت سوف أصبح بقايا إنسان والبعض ينادوني جثمان!
أحلم بك يا كفن وأنت بأي صورة تراني !؟ما أجمل الدفء بك يا كفن! سأوصي أحبتي يا كفني عند موتي أن يسلموني إليك ! لو تسأل القلب ماذا يخفي لك ليرد عليك يا كفن حبي لك يزيد! أحبك يا كفن بلا حدود وأعترف إنك آخر قيودي وحدودي وستكون وطني وغربتي فلن تسقط عني سهوا.
فهل أنا على حق عندما أحببتك يا كفن وهل هناك غيرك يدفئني في عتمة قبري!؟ومن يجرأ أن يبقى معي غيرك؟ يا كفني كون بردا وسلاما.
ليتذوق كفني صمتي وسأكتب با إنني حية على كفني و لقد بح صوتي وأنا أنادي على كفني أن
لا يفارقني بعد غربتي "ليس الغريب غريب الشام واليمن إن الغريب غريب اللحد والكفن".
فعذرا أيتها الحياة وأعتذر للدنيا لأني عشقت الكفن وعشقت الصمت في لحظة كبرياء الموت. أعتذر للحياة حينما أتهمتها بالضيقة والحديث عن الكفن والموت حديث يهم الجميع دون استثناء،اللهم استر علينا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.