أعلن انحيازي للدكتور البرادعي فقط لأنه ليس زعيماً تقليدياً يجيد فن الخطابة وإلهاب حماس العوام بمقولات رنانة، هو فقط رجل كفء لديه رؤية واضحة تعبر عنها مواقف لا تقبل أنصاف الحلول ولا تهرول خلف لجان حكماء.
لنفس السبب تقريباً أعلن رفضي الشخصي للسيد عمرو موسي رئيساً لمصر لأننا لسنا بحاجة إلى زعماء يجيدون الخطابة مقدار حاجتنا لرئيس كفء بلا كاريزما أمام كاميرات التلفزيون، رئيس ذوو رؤية واضحة ومواقف ثابتة حتى وإن تلعثم أمام الكاميرات.
لا يعنيني كون السيد عمرو موسي هو أحد الخارجين عن مساراتهم القديمة وولائهم السابق للنظام البائد، فرغم أنه كان جزء من هذا النظام عاش في ردائه ولم يجرؤ على الخروج عليه حتى وهو يحتضر، إلا أنني سأنصت لمن يعتقدون بأنه واحد من الشرفاء الذين لم يتورطوا في الفساد وأنهم فقط صموا آذانهم وكمموا أفواههم بأيدهم وآثروا السلامة.
وجه الاعتراض الوحيد الذي يحول بيني وبين تأييد السيد عمرو موسى هي فكرة الزعيم وشخصية الزعيم الذي يرى الجماهير مجرد آذان عليها الإنصات له والإذعان الأعمى لمشيئته، فالزعيم في ظني هو شخص أناني بطبعه يدور حول ذاته، يرفض النقاش ويلغي الحوار ويسبغ على الآخرين صفات عدم الفهم وقلة الوعي، لا يؤمن بحرية الفرد وحقه في الاختلاف وإبداء الرأي فيصبح النقاش حول كلامه قلة أدب وسوء تقدير لمكانته وبالتالي فالذين لا يوافقون جماهيره الرأي هم أعداء متآمرون وربما خونة في كثير من الأحيان.
في هذه المرحلة الدقيقة من حياه مصر وبعد أن أسقطنا الديكتاتور مبارك وعائلته، أظن أننا في أمس الحاجة لرئيس كفء أكثر من حاجتنا إلى زعيم من أولئك الذي يجيدون الوقوف أمام الكاميرات، يتلاعبون بالألفاظ ولا ينصتون إلا لحناجر تهتف لهم وتسبغ عليهم صفات المخلصين.
إذا كنا نحلم بمصر أخرى فأتوسل إليكم ابتعدوا عن الزعماء فهؤلاء لا يكون بجوارهم إلا أصحاب الحناجر الإمعات التافهين وحملة المباخر والهتيفه، أما الأكفاء فلا يقبلون إلى جوارهم إلا ذوي الخبرة والكفاءة ،أصحاب الرؤية والموقف.