سأذهب إلى الميدان كى لا يفوتنى حرف واحد من التاريخ الذى نكتبه، وكى لا أترك لشياطين الفساد مخرجا ليهربوا منه، سأذهب إلى الميدان لأن الفاسدين شعروا بأننا غفلنا عنهم، وظهروا علينا فى الفضائيات والصحف والأماكن العامة كما لو كانوا يغيظوننا ويبشرونا بأن ثورتنا لم تطلهم من قريب أو بعيد، سأذهب إلى الميدان لأن قتلة أبناء مصر مازالوا ينعمون بالأمان، وقد ظنوا أنهم بعيدون عن أعيننا، وعن سيف قضائنا، سأذهب إلى الميدان لأدعم موقف قواتنا المسلحة التى تحارب الفساد فى مؤسساتنا، ولأساهم فى إضفاء المزيد من الشرعية على محاربتها للفساد، ولأثبت للجميع أن الجيش والشعب مازالوا "إيد واحدة" رغم كل ما حدث، سأذهب إلى الميدان لأن "الجبان جبان والجدع جدع" وأنا أحب أن أكون فى فئة "الجدع"، ولا أحب أن أكون من صنف "الجبان"، وأحب دائما أن أغنى "خلى الميدان صاحى صاحى صاحى".
قرآننا الكريم ذاته، يأبى حالة الخضوع والخنوع التى يدعو إليها البعض، ويكاد الله جل وعلا أن يساوى بين مرسخى "التنبلة" ومحبطى الثورات من ناحية والبهائم من ناحية أخرى، مؤكداً أن من يركنون إلى الراحة والدعة والاستقرار على الباطل لهم من العذاب الكثير، حيث يقول الله تعالى "إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا"، ويذم القرآن الراكنين إلى التمتع والمنكبين على المشارب والمآكل مقصراً هذه الصفات على الكفار قائلا "والَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ".
قبل أن تسب "بتوع الميدان" لأنهم لم يرضوا بالواقع فأرجوك تذكر أن الأنبياء أيضا لم يرضوا بالواقع، وقاوموه وحاربوه بكل ما أتوا من قوة ووحى، أنكرهم الأقربون، وخذلهم المقربون، وتطاول عليهم السذج والأطفال والغافلون، حاربهم الأباطرة، وعذبهم الجبابرة، وضيقوا عليهم الخناق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، اتهموهم بالجنون مرة وبالخيانة مرة وبالكفر مرات ومرات، لكنهم لم يعبأوا بمناوئيهم ومضوا إلى سبيلهم يكتنفهم النور ويرعاهم النور ويحميهم من لا تأخذه سنة ولا نوم.