تظل ليالى الثورة المصرية حبالى بكل عجيب كعادتها خلال الشهرين الماضيين، فمع إشراقة شمس اليوم الأحد، كانت مصر مع يوم ساخن بالأحداث لم تلطفه نسمات الربيع الوليدة، ووصلت ذروتها مع منتصف النهار بخروج أول تسجيل صوتى للرئيس السابق حسنى مبارك، والذى بدا صوته متماسكا وكأنه ما زال يحكم، مؤكدا استعداده الكامل للتعاون مع مكتب النائب العام المستشار عبد المجيد محمود للكشف عن أى أرصدة أو حسابات له أو لزوجته وأبنائه فى الخارج، مشددا على احتفاظه بـ" حقه الكامل" فى مقاضاة كل من أساءوا إليه زيفا فى الفترة الماضية، ورد بسرعة النائب العام وأصدر قراراً صباح اليوم الأحد، بطلب حسنى مبارك ونجليه للمثول أمامه للتحقيق، وأرسل خطاباً بذلك لوزير الداخلية لتنفيذ القرار.
وأكد بيان للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود أن كلمة مبارك رئيس مصر السابق على قناة العربية لم تؤثر على إجراءات النيابة العامة فى التحقيق مع مبارك وأسرته فى الوقائع المنسوبة إليه، ومنها جرائم الاعتداء على المتظاهرين، وسقوط قتلى وجرحى أثناء أحداث 25 يناير، ووقائع أخرى تتعلق بالاستيلاء على المال العام، واستغلال النفوذ والحصول على عمولات ومنافع من صفقات مختلفة.
وقبل هذا التسجيل الصوتى بقليل تغيب نجله جمال عن أولى جلسات التحقيق أمام جهاز الكسب غير المشروع صباح اليوم، وذلك لعدم كفاية الإجراءات الأمنية الكفيلة بحمايته وتأمين حياته ضد أى هجوم محتمل، حسبما أكدت المصادر.
شباب الثورة أيضا كان لهم نصيب من تسخين الأحداث حيث أعلن ائتلافهم عن تعليق حواره مع المجلس العسكرى، والدخول فى اعتصام بداية من الأسبوع القادم، فى حال عدم البدء فى إجراءات التحقيق فى أحداث أمس الأول الجمعة بميدان التحرير، ومحاسبة المسئولين، مع الإفراج عن المعتقلين فى ذات الأحداث، وتقديم رؤى الفساد للتحقيق، خاصة ما وصفوها بالدائرة الرئيسية للرئيس السابق محمد حسنى مبارك وأسرته الخاصة، مستنكراً ما شاهده "التحرير" من أحداث دامية.
كما شهد اليوم الأحد أيضا قيام أجهزة الأمن والشرطة العسكرية بالقبض على رجل الأعمال محمد إبراهيم كامل، عضو الأمانة العامة للحزب الوطنى السابق، بناءً على قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بضبطه وإحضاره، وتقرر حبسه 15 يومًا على ذمة الاتهامات الموجهة له، وهى المشاركة فى تدبير أحداث ميدان التحرير فجر أمس السبت، بالتعاون مع عدد من معاونيه، فيما بدأت نيابة الأموال العامة برئاسة المستشار على الهوارى المحامى العام الأول، صباح اليوم الأحد بالتحقيق مع الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، فى قضية اللوحات المعدنية الخاصة بالسيارات.
نظيف أراد أن يكون غامضا كعادته فحضر فى تمام العاشرة والنصف إلى سرايا النيابة بالتجمع الخامس داخل عربية مرسيدس سوداء اللون حملت أرقام "ط ب ع 186" بصحبة محاميه ودخل عبر جراج المحكمة هربا من عدسات المصورين.
على الأرض أيضا كان هناك تصاعدا ملحوظا فى الأحداث حيث شهد ميدان التحرير ثباتا فى أعداد المعتصمين فيما اندلعت بعض المناوشات بالطوب بين مؤيدين لإخلاء الميدان ومعارضين، فيما تجمهر عدد منهم أمام المتحف المصرى لمنع البلطجية من الاقتراب منه خوفا من تكرار أحداث النهب التى تزامنت مع بداية الثورة.