الكلام عن التيار السلفى فى مصر لا يعنى بالضرورة الكلام عن الدين، لا تسقط فى ذلك الفخ الذى يهوى مشايخ السلف نصبه دائماً لكل منتقد أو صاحب وجهة نظر مختلفة معهم، لكى يبدو الأمر فى النهاية أن المختلف معهم مختلف مع الدين، وبالتالى خاسر لمعركته قبل أن يعرف حتى أين أرضها.
شيوخ السلف وأنصار التيار الإسلامى يعتبرون أو يجعلون من ذلك المبدأ أو هذا الفخ مظلة يظنون أنها تكفل لهم حق الحماية من أى انتقاد، يرفعون راية قال الله وقال الرسول فى وجه أى صاحب اجتهاد أو وجهة نظر مختلفة، فيجبرونه على الصمت قبل أن يتكلم تفضيلاً من جانبه للنجاة من السقوط فى فخ معاداة السماء.
الكلام عن التيار السلفى الآن كلام سياسى، والكلام فى السياسية يتحمل كل أوجه النقد، ولا يجوز معه استخدام سلاح الدين ترهيباً أو ترغيباً، وطالما أن شيوخ السلف والجماعات السلفية قررت أن تلعب على المسرح السياسى المصرى بعد ثورة 25 يناير، فلابد أن يكفوا عن اتهام كل مخالف لهم بأنه ضد الإسلام، ولابد أن يكفوا عن تقسيم الناس إلى فسطاطين كما فعل الشيخ حسين يعقوب بعد الاستفتاء، وقسم مصر إلى فسطاط حق يطيع المشايخ، وفسطاط آخر لم يسمع كلام المشايخ.
التيار السلفى بمشتقاته قرر أن يدخل لعبة السياسة، وعليه أن يتحمل تبعات اختياره، فالشيوخ على المنابر لهم ولخطابهم الدينى، حتى وإن اختلفنا معه، كل الإجلال والاحترام، أما إذا جلسوا على مقاعد حزبية أو سلطوية وتكلموا فى السياسية، فليس لهم سوى ما يحصل عليه أهل السياسة إن أخطأوا أو أصابوا.
ولأن التكرار أحيانا ما يقوم بتعليم الشطار، دعنا نقول مرة أخرى إن الأمر هنا لا علاقة له بالدين أو المنهج السلفى سواء اختلفنا أو اتفقنا معه، الأمر هنا يتعلق بتيار دينى قرر أن يخوض غمار اللعبة السياسية بكل تفاصيلها، فليعتقد أهل التيار السلفى ما يعتقدونه دينياً، ويقولون على المنابر ما يقولون، ولكن يجب عليهم أولاً أن يقدموا لهذا المجتمع ما يكفى من الضمانات التى تحميه من استخدامهم لسلاح الدين، وما يمكن ارتكابه تحت مظلته، لا نريد من التيار السلفى بداية من جمعية أنصار السنة، وحتى العائدون من أفغانستان وإيران سوى أن يكون بيننا وبينهم عهداً لا ننقضه ولا ينقضونه، عهداً واضحاً يضمن التكافؤ للمعركة السياسية، وينحى الدين جانباً عن معارك السياسة، ويضمن الأمان لهؤلاء الذين أفزعتهم تصريحات الشيخ أبو إسحاق الحوينى، عن ضرورة جلوس المرأة فى المنزل وفرض الحجاب، أو ما قاله الشيخ شومان حول أن الليبرالية تعنى أن تخلع أمهاتنا الحجاب، أو ما قاله عبود الزمر عن وجوب دفع المسيحيين للجزية وعدم توليهم المناصب الهامة، أو ما حدث من هدم للأضرحة فى القليوبية، واحتلال للمساجد فى إمبابة.
لا نريد من التيارات السلفية عراكاً حول الأفكار الدينية، ولا نريد لهم اختفاءً فى السجون كما حدث فى عصر مبارك، ولا نريد لهم بقاءً سرياً تحت الأرض، هم فصيل انتماؤه لهذا المجتمع واضح ومحسوم ببطاقة الرقم القومى وشهادات الميلاد، ومن حقه أن ينزل إلى الحقل السياسى، ولكن طبقاً لشروط وقوانين واضحة ومفهومة، ولذلك يبقى العهد الذى بيننا وبين التيار السلفى الذى قرر أن يشارك فى اللعبة السياسية واضح التكوين والمعالم، ويتكون من نقاط أربعة هى كالتالى:
1- احترام الرأى الآخر ومبادئ الديمقراطية.
2- احترام الحريات الشخصية وما يكفله القانون والدستور من حقوق.
3- احترام العقائد الدينية والمذاهب الأخرى.
4- احترام مبدأ تداول السلطة وإعلاء شأن صندوق الانتخاب.