تلك الثائرة التي تمسكت بعقيدتها في مواجهة أعتي قوي الظلم والطغيان إنه زوجها فرعون الذي تمادي في جبروته فأعلن الألوهية لمزيد من السيطرة علي الشعب وتحقيق أقصي ما يمكن من استغلال خيرات الأمة بعد طمس إرادة الناس كما جاء في قوله تعالي: "ونادي فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون" الزخرف: ..51 وصدقه قومه لأنهم لا يملكون عقيدة راسخة تحميهم من الانزلاق إلي الدعاوي الباطلة والاستسلام للهوان.. قال تعالي: "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين" الزخرف: ..54 ولكن السيدة آسيا كانت من معدن آخر. أشرق بنور الإيمان فاستلذت الصعاب والمخاطر. وضحت بكل رفاهية واستقرار يحيط بها. لأن روحها اشتاقت إلي الدار الآخرة فرددت بكل يقين تناجي رب العالمين "رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين" التحريم: ..11 فاستحقت بجدارة أن يضرب الله بها مثلاً للذين امنوا في قرآنه الكريم. لتكون نموذجاً يهتدي به الحياري والتائهون. فرغم أنها زوجة ملك يحيط نفسه بكل هالات العظمة والكبرياء إلا أنها لم تتأثر بخبثه ومكره وفساد حاله وسوء أقواله وأفعاله. ولم تتأثر كذلك بمن حولها ممن هم علي شاكلته. ولم يغرها زخرف الدنيا ولا متاعها الفاني لأن الإيمان مس شغاف قلبها فمنحها الشفافية والإرادة وقوة الاحتمال لما تعانيه. فهي نموذج عال للوعي بما عند الله جل وعلا من نعيم. جعلها لا تصانع أحداً مهما كان قدره في عقيدتها. ولا تخاف من أحد سوي الله جل شأنه. فكانت بحق هي أقوي امرأة في عصرها وفي أكثر العصور من قبلها ومن بعدها. واستحقت بجدارة ما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه الذي رواه مسلم عن أنس بن مالك: "خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران. وآسيا امرأة فرعون. وخديجة بنت خويلد. وفاطمة بنت محمد رسول الله" رضي الله عنهن وأرضاهن. وندعو الله ألا يكنَّ قدوة ليس للنساء فقط بل لكل من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبياً رسولاً أميناً
موضوع: زوجة فرعون ثائرة على الفساد