عقيل حامد New Member
عدد المساهمات : 72 نقاط المكتسبه : 23094 التقييم : 4
| موضوع: فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا الخميس مايو 09, 2013 8:23 am | |
| فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا كان أكثر قادة العرب قبل فترة قصيرة من الآن يعيشون حياتهم المبنية أصلا على الترف والإسراف الفاحش الذي يستحيل تصوره وتخيله لدى ابرع منتجي أفلام الرعب والخيال في العالم , حيث لم يرد على أذهان الجميع ولا على أذهان الحكام أنفسهم أنهم في يوم من الأيام سيغادرون هذا الملك والنعيم الذي يعيشونه , وأن دولاب الهواء قد أصلح الدهر عطله , ودار دورته لينقلهم إلى عالم آخر لم يألفوه ويعتادوه من قبل بل نسوه منذ أن افترسوا كرسي الحكم بأنيابهم ومخالبهم , فقتلوا وسجنوا وهجروا كل من شعروا انه لا يؤيدهم ولا ينشد الأشعار في مدحهم والثناء عليهم , وعلو على الخلق كلهم وقالوا قول فرعون سيدهم (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) النازعات 24,واتبعوها بقول النمرود إمامهم (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ )البقرة 258, فكان إمامهم يأتي بسجينين فيقتل أحدهما ويقول هذا أمته ويخلي سبيل الثاني ويقول هذا أحييته , وبعد أن أفاقت الشعوب من نومتها وصاحت صيحتها فزع الحكام في قلاعهم وحصونهم واهتزت عروشهم فهرولوا مسرعين خائفين ليستكشفوا الأخبار ويتبصروا الأحوال فوجدوا أن القائمين على قصورهم شعوبهم الجياع تصرخ وتنادي بصوت واحد (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ) يوسف 41, وهكذا حار وتاه الحكام عندما رأوا الحشود تملأ الميدان وأصابتهم هستريا قاتلة أفقدتهم العقل والصواب , ولذلك اضطر العقلاء والرحماء لإنشاء المركز الطبي العالمي المتخصص في دراسة أحوال الحكام والرؤساء وتأثير الثورات عليهم , لمعرفة التأثيرات النفسية والعاهات العقلية التي سببتها تلك الثورات لهم , لعلهم يجدوا من الوسائل الطبية والطبيعية ما يخفف عنهم الأوجاع والأمراض ويعيدهم إلى رشدهم وصوابهم ويعيشوا بقيت حياتهم كباقي الناس , ووجد الباحثون أن الرؤساء يعيشون أسوء أيام عمرهم يوم الخميس حيث لا ينامون ليلتهم ولا يهدأ قرارهم لأنهم لا يعلمون ما سيأتي لهم به الخميس وما بعد الخميس وما أن يمر الخميس وما بعده بسلام حتى يتنفسوا نفسا واحدا فيه شيء قليل من الأمل على أن يبقوا على كرسي الحكم ولو لأيام , ولكن الشعوب الثائرة الغاضبة لم ترضى بذلك فأخذت تعد من الخميس إلى الخميس لوقفت الميدان فقطعت الطريق على الرئيس وزادته هموما في أوهام على أوهام ولم يعد الرئيس يتنفس ولو نفسا واحدا بسلام , فضاق عليه حتى النفس ولم يعد يشم الهواء العليل الذي كان يتنفسه عندما كان يتمشى في حدائق القصر الجنان يغازل هذه ويداعب تلك والأرملة تبكي على كسرة خبز يابسة تسد بها جوع أيتامها الصغار , فهام في القصر على وجهه يقبل الحدائق والجدران ويبكي بكاء طفل فقد أمه فحرم الحنين والآمان , وصدق الله تعالى بقوله ( فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا) التوبة 82, وقد جاء في تفسير هذه الآية عن حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس قال: (الدُّنْيَا قَلِيلٌ، فَلْيَضْحَكُوا فِيهَا مَا شَاءُوا، فَإِذَا انْقَطَعَتْ وَصَارُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، اسْتَأْنَفُوا فِي بُكَاءٍ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ أَبَدًا ) الزهد لأسد بن موسى , وقال الشاعر: (وَلم يبْق لي دمعة فِي الشؤون ... إِلَّا غَدَتْ فَوق خدي تسيل) (فَقَالَ نصيح من الْقَوْم لي ... وَقد كَاد يَأْتِي على الغليل) (تأن بدمعك لَا تفنه ... فَبين يَديك بكاء طَوِيل) عقيل حامد . | |
|