التوازن الحياتي .... خطوة أولى نحو النجاح
حقيقة الإنسان على الأرض أنه مزدوج التكوين، يحوي ما هو منظور وما هو غير
منظور، يحوي
الباطن كما الظاهر، فيستحيل تحقيق أي توازن دونما تحقيق توازن
بين كل من الظاهر والباطن.
وبمعنى آخر عند توجه المرء لإتمام أعماله في الحياة العملية الخارجية من
منطلق مفهوم الباطن، حينئذ وحينئذ فقط يهون المسار ويختصر المجهود وتستولد
الفرص ويخلق الوقت للعمل على مختلف مناحي الحياة. فالكيان يعمل كوحدة،
وشحذ نشاطه وتسريعه يعني شحن ذبذباته وتسريعها كيفما وجهها صاحبها.
وتجدر الإشارة إلى أن التوجه ضمن منحى واحد وعدم الانفتاح على مناح أخرى،
وفي غياب الاعتدال يضيع التوازن. إذ إن أسوأ ما يحدث، أن يوجه المرء
مجهوده واهتمامه لمنحىً واحد. فإهمال الأمور الأخرى يعني ترك فراغات قد
حان وقت العمل عليها في حين أن المرء لم يتنبه إليها أو قل قد غض الطرف
عنها. فتأتي نتيجة إهمالها لها، إرهاقاً جسدياً، أو شعوراً سلبياً، أو حتى
عناءً ذهنياً... وتكون النتيجة مضاعفة وتأتي مفاجأة تنغص على المرء أسعد
لحظاته.
والجدير بالذكر أن تفعيل التوازن هو عمل دؤوب، متواصل ومستمر دائماً
وأبداً. فالتوازن السليم هو ما يتأتى بعد تقييم التوازن في كل مرحلة
ومزامنة مع كل جديد وكل معرفة متقدمة على درب التطوّر في الوعي. إذ إن
تحديد المرء للتوازن وتصوره له يختلف مع توسعه في المعرفة، وتعمقه في فهم
قانون الحياة.
وما يجب ألا يغيب عن البال أن عدم التوازن، أي الانقطاع أو الإفراط في تأدية عمل ما، قد يحوِّل حتى العمل الإيجابي إلى سلبي.
أو ليست خلوة المرء بنفسه ضرورية جداً على درب التطوّر. أو ليست هي عينها
ما يؤدي إلى الانعزال والانغلاق إذا ما أفرط المرء في ممارسته لها؟!
أو ليست الحياة الاجتماعية ضرورية للتطوّر، وهي نفسها ما يحدث خللاً إذا ما زادت على حدها؟!
هذا ما يؤكد أن المعيار الوحيد لتفعيل التوازن هو الوعي ثم الوعي ثم
الوعي.. يليه تقييم المرء لإنجازه من منطلق مفهوم التوازن في الحياة
وكيفية تطبيقه عملياً، إذ إنه الخطوة الأولى نحو تحقيق الراحة الداخلية
والصحة الجسدية والنفسية... وتبقى التجربة خير برهان