من بنى المسجد الأقصى المبارك ؟ وكيف كان في عهد الصحابة والتابعين
المرحلة الأولى :
وللإجابة على الشق الأول من السؤال يجدر بنا الرجوع إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : حينما سأله أبو ذر –رضي الله عنه :
عن أول مسجد وُضِعَ في الأرض فقال: "المسجد الحرام" أي الذي في مكة ثمَّسأله عن غيره فقال: "المسجد الأقصى" فسأله : كم بينهما؟ قال"أربعونعامًا".
وقد رُوي أن أول من بني البيت ـ في مكة ـ آدم عليه السلام،فيجوز أن يكونغيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عامًا،ويجوز أن تكون الملائكةأيضًا بنته بعد بنائها البيت بإذن الله. وكلٌّ مُحْتَمل ، وهذا ما جاء في تفسير القرطبي
وأيا من كان هو الباني الأول للمسجد الأقصى المبارك إلا أن الراجح أنه قام بتحديد حدود البيت المقدس الذي تبلغ مساحته 142 – 144 دونم (الدونم = ألف متر مربع).
انقطعت أخبار المسجد الأقصى في العهود البائدة من بعد آدم عليه السلام، حتى سجل القرآن الكريم هجرة إبراهيم عليه السلام إلى الأرض المباركة حوله، ونشره لدعوة التوحيد فيها، وتعميره هو وأبناؤه من بعده، إسحاق Isaac ويعقوب Jacob (إسرائيل Israel) والأسباط عليهم السلام، للمسجد الأقصى المبارك.
المرحلة الثانية
عهد إبراهيم عليه السلام
وتم فيه إعادة بناء المسجد الأقصى
المرحلة الثالثة
خروج بني اسرائيل إلى مصر في عهد يوسف عليه السلام
ومن ثم عودة بني اسرائيل إلى القدس في عهد داوود عليه السلام ففي عام 996 قبل الميلاد فتح داوود عليه السلام مدينة القدس
وقد شرع نبي الله داوود عليه السلام ببناء المسجد الأقصى واكمل بناءه سليمان عليه السلام
المرحلة الرابعة
التدمير الأول للمسجد الأقصى منذ عهد ابراهيم عليه السلام
بعد وفاة سليمان عليه السلام ، وفي عام 721 قبل الميلاد قام ملك الاشوريين سرجون بالقضاء على مملكة القدس،ثم قام فرعون مصر في عام 608 باحتلال القدس
وقام نبوخت نصر في عام 587 قبل الميلاد باستعادتها من فرعون مصر ، واسر اليهود الى بابل ودمر المسجد الأقصى
المرحلة الخامسة
إعادة بناء المسجد في عام 538 ق.م.
احتل قورش ملك الفرس بلاد بابل، وسمح لليهود بالعودة للقدس ، وأعادوا بناء المسجد الأقصى
المرحلة السادسة
التدمير الثاني للمسجد الأقصى
سيطر الرومان على القدس منذ عام 63 قبل الميلاد
وبقي المسجد الأقصى على حاله حتى زمن ما بعد عيسى عليه السلام
وفي عام 135 ميلادي قام الرومان بهدم مدينة القدس والأقصى وطرد اليهود منها
و تدور عجلة الزمن سريعا ، لتنقلنا بعدما وضعتنا على موجز لبناء المسجد الأقصى
إلى عهد الصحابة و التابعين ومكانة القدس تلك البقعة الطاهرة من الأرض في قلوبهم
القدس في العهد الراشدي
بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في عام 11هـ أمر الخليفة أبو بكر الجيوش الإسلامية بالتوجه لفتح العراق وبلاد الشام ولكن الخليفة أبا بكر توفي قبل أن يشهد فتح المسلمين للقدس. وتم لهم ذلك في أيام الخليفة عمر بن الخطاب عام 15هـ، وتظهر أهمية القدس ومكانتها في الإسـلام في أنها المدينة الوحيدة التي زارها الخليفة عمر بن الخطاب من بين المدن العديدة التي فتحت في عهده، وقد اتخذ فيها الخليفة عمر جملة من الإجراءات الهامة منها :
كتب وثيقة تسليم المدينة والتي عرفت بالعهدة العمرية.
2- عين عبادة بن الصامت قاضياً ومعلماً للمسلمين فيها.
3- أمر ببناء المسجد الذي عرف بمسجد القدس (المسجد العمري).
عمر بن الخطاب صالح أهل إيلياء (القدس) بالجابية وكتب لهم:
العهده العمرية
« بسم الله الرحمن الرحيم
"هذا ما أعطى عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين، أهلَ إيليا من الأمان :
أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملته؛ أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنتقص منها ولا من حيِّزها، ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيليا معهم أحد من اليهود.
وعلى أهل إيليا أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن.
وعليهم أن يُخرِجوا منها الرومَ واللصوصَ.
فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم.
ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثلُ ما على أهل إيليا من الجزية.
ومن أحب من أهل إيليا أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعَهم (أي كنائسهم) وصُلُبَهم(أي صلبانهم)، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعِهم وصُلُبهم حتى يبلغوا مأمنهم.
ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعد وعليه مثلُ ما على أهل إيليا من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رحل إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.
وعلى ما في هذا الكتاب عهدُ الله، وذمّةُ رسوله، وذمّةُ الخلفاء، وذمّةُ المؤمنين، إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
شهد على ذلك: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان
وكتب وحضر سنة خمس عشرة للهجرة»
ر
أما الخليفة عثمان بن عفان فقد اهتم بمدينة القدس وسكانها المسلمين. ويظهر ذلك من أنه أمر بوقف قرية سلوان على ضعفاء المدينة.
وبدأت منذ الفتح العمري للقدس عملية إعادة تعريب المدينة. فقد وفد إليها عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابناء القبائل العربية فهناك (9) من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنوا في بيت المقدس ومنذ ذلك الوقت لم ينقطع مجيء القادمين الى القدس من صحابة وتابعين وعباد وصوفية واستمر ذلك في مختلف العصور الاسلامية