عذْبَةٌ أنتِ كالطُّفولةِ ، كالأحـلام
كاللّحـنِ ، كالصبـاحِ الجديـدِ كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلةِ القمـراءِ
كـالـوردِ ،كـابتسـامِ الوليـدِ يـا لـها مـن وَداعـةٍ وجـمالٍ
وَشَـبَـابٍ مـنـعَّـمٍ أُمْـلُـودِ يـا لـها مـن طهـارةٍ، تبعـثُ
التقديسَ فِي مهجة الشَّقيِّ العنيـدِ يا لها رقَّـةً تَكـادُ يَـرفُّ الـوَرْدُ
منـها فِـي الصخْـرةِ الجُلْمُـودِ أيُّ شيء تُراكِ ؟ هل أنتِ فينيـسُ
تَهادتْ بين الـورى مِـنْ جديـدِ لتُعيدَ الشَّبابَ والفـرحَ المعسـولَ
للعـالَـمِ الـتَّعيـسِ الـعميـدِ أمْ مـلاكُ الفـردوس جـاءَ إلـى
الأرضِ ليُحييِ روحَ السَّلامِ العهيـدِ أنتِ ، ما أنتِ ؟ أنتِ رسمٌ جميـلٌ
عبقريُّ مِـنْ فـنِّ هـذا الوجـودِ فيـكِ مـا فيـه مـن غُمـوضٍ
وعُمْقٍ وَجَمـالٍ مقَـدَّسٍ معبـودِ أنتِ ، ما أنتِ ؟ أنتِ فَجْـرٌ مـن
السّحـرِ تجلّـى لقلبـيَ المعمـودِ فأراه الحيـاةَ فِي مُونِـقِ الحُسْـن
وجلّـى لـه خفايـا الـخلـودِ أنتِ روحُ الرَّبيـعِ ، تختـالُ فِـي
الدّنيـا فتهتـزُّ رائعـاتُ الـورودِ وتَهُبُّ الحياةُ سكْـرَى من العِطْـر
ويـدْوي الوجـودُ بالـتَّغْـريـدِ كلمـا أبْصَـرَتْـكِ عـيـنـايَ
تمشين بـخطوٍ موقَّـعٍ كالنّشيـدِ خَفَـقَ القلـبُ للحيـاة ، ورفّ
الزّهرُ في حقـل عمـريَ المجـرودِ وانتشتْ روحيَ الكئيبـةُ بالحـبِّ
وَغـنَّـتْ كـالبلبـلِ الغـرِّيـدِ أنتِ تُحييـنَ فِي فـؤاديَ ما قـدْ
ماتَ فِي أمسيَ السَّعيـدِ الفقيـدِ وَتُشِيديـنَ فِي خرائـبِ روحـي
ما تلاشـى فِي عهْـديَ المجـدودِ من طمـوحٍ إلـى الجمـال إلـى
الفَـنِّ ، إلى ذلك الفضـاءِ البعيـدِ وَتَبُثِّينَ رقّـةَ الشّـوقِ، والأحـلامِ
والشّدوِ ، والهـوى، فِي نشيـدي بعـد أن عانقـتْ كآبـةُ أيَّامـي
فـؤادي، وألـجمـتْ تغريـدي أنتِ أنشـودةُ الأَناشيـدِ غنّـاكِ
إلـه الغـنـاءِ ، ربُّ الـقصيـدِ فيكِ شبّ الشَّبابُ ، وشَّحهُ السِّحْرُ
وشدوُ الهـوى ، وَعِطْـرُ الـورودِ وتراءى الجمالُ ، يَرْقُـصُ رقْصـاً
قُدُسِيّاً ، علـى أغانـي الوجـودِ وتهادتْ فِي أفْـق روحِـكِ أوْزانُ
الأغَـانـي ، وَرِقّـةُ التّغـريـدِ فَتَمايلـتِ في الوجـودِ ، كلحـنٍ
عبقـريِّ الخيـالِ حُلـوِ النَّشيـدِ خطـواتٌ ، سكرانـةٌ بالأناشيـد
وصـوتٌ، كَرَجْـعِ نـايٍ بعيـدِ وَقوامٌ ، يَكَـادُ يَنْطـقُ بالألحـان
فِـي كـلِّ وقـفـةٍ وقـعـودِ كلُّ شيءٍ موَقَّـعٌ فيـكِ ، حتّـى
لَفْحَةُ الجيـدِ ، واهتـزازُ النّهـودِ أنتِ ، أنتِ الحيـاةُ ، فِي قدْسهـا
السَّامي، وفي سِحْرها الشَّجيِّ الفريدِ أنـتِ، أنـتِ الحيـاةُ، فِي رِقّـةِ
الفجر وفي رونـق الرَّبيـعِ الوليـدِ أنت ، أنـتِ الحيـاةُ ، كـلَّ أوانٍ
فِِـي رُواءٍ من الشَّبـابِ، جديـدِ أنتِ ، أنتِ الحيـاةُ ، فيـكِ وفِي
عيْنَيْكِ آيـاتُ سحرهـا الممـدُودِ أنـتِ دنيـا مـن الأَنـاشـيـدِ
والأحْلامِ والسِّحْرِ والخيال الـمديدِ أنتِ فوقَ الخيالِ ، والشِّعرِ، والفـنِّ
وفـوْقَ النُّهَـى وفـوقَ الحُـدودِ أنتِ قُدْسي ، ومعبدي ، وصباحـي
وربيعـي، ونَشْوَتِـي ، وَخُلـودي يا ابنةَ النُّـور، إنَّنـي أنا وحْـدي
من رأى فيـكِ رَوْعَـةَ .......... فدعيني أعيشُ فِي ظِلِّـك العـذْبِ
وفِـي قُـرْبِ حُسْنِـكِ المَشْهـودِ عيشةً للجمـال والفـنّ والإلهـام
والطُّهْـر، والسَّنـى ، والسُّجـودِ عيشةَ النَّاسِـكِ البَتُـولِ يُنَاجـي
الرّبَّ في نَشْوَةِ الذُّهـولِ الشَّديـدِ وامنحينـي السـلامَ والـفـرحَ
الرُّوحيَّ يا ضَوْءَ فجْـريَ المنشـودِ وارحـميني ، فقـد تهدّمـتُ فِي
كونٍ من اليأْسِ والظَّـلامِ مَشيـدِ أنقذينـي مـن الأسـى ، فَلَقَـدْ
أمْسَيتُ لا أستطيعُ حـملَ وجودي في شِعَابِ الزَّمان والمـوت أمشـي
تحت عبءِ الحيـاة جَـمَّ القيـودِ وأمـاشـي الـورَى ونـفسـيَ
كالقبرِ ، وقلبي كالعالـم المهـدُودِ ظُلْمةٌ ، ما لـها خِتـامٌ ، وهـوْلٌ
شائـعٌ فِـي سكونـها الممـدودِ وإذا مـا اسْتخفّنــي عَـبَـثُ
النَّاس تبسَّمتُ فِي أسَـىً وجُمُـودِ بَسْمَـةً مُـرّةً ، كـأنِّـيَ أستـلُّ
مـن الشَّـوكِ ذابـلاتِ الـورودِ وانْفخـي فِي مَشَاعِـري مَـرَحَ
الدُّنيا وشُدِّي مِنْ عزمـيَ المجهـودِ وابعَثي فِي دَمِي الحَـرارَة ، عَلِّـي
أتغنَّـى مع المنـى مِـنْ جَديـدِ وأبـثُّ الوُجـودَ أنْغـامَ قلـبٍ
بُلْبُلـيٍّ ، مُكَـبَّـلٍ بالحـديـدِ فـالصَّبـاحُ الـجميـلُ يُنعِـشُ
بالدِّفْءِ حيـاةَ المحطَّـمِ المكـدودِ أنْقذينـي، فقد سئمـتُ ظلامـي
أنقذيني ، فَقَـدْ مَلِلْـتُ ركـودي آه يا زهْـرتِي الجميلةَ لو تدريـنَ
ما جـدَّ فِـي فـؤادي الوحيـدِ فِي فؤادي الغريبِ تُخْلَـقُ أكـوانٌ
من السّحـر ذاتُ حُسْـنٍ فريـدِ وشـمـوسٌ وضّـاءةٌ ونُـجُـومٌ
تَنْثُـرُ النُّـورَ فِي فَضَـاءٍ مديـدِ وربيـعٌ كأنّـه حُلُـمُ الشّاعـرِ
فِـي سَكـرة الشَّبـاب السَّعيـد ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجـي
ولا ثـورةَ الخَـريـفِ الـعتيـدِ وَطُيـورٌ سِحْـرِيَّـةٌ تتنـاغَـى
بـأنـاشيـدَ حُلْـوةِ التَّغـريـدِ وقصورٌ كأَنَّها الشَّفَقُ المخضُـوبُ
أو طلعـةُ الـصَّبـاحِ الـوَليـدِ وغـيـومٌ رَقـيـقـةٌ تتهـادى
كأَبـاديـدَ مِـنْ نُثَـارِ الـورودِ وحيـاةٌ شِعْـريّـةٌ هـي عنـدي
صُـورةٌ مِنْ حَيـاةِ أَهْـل الخلـودِ كـلُّ هـذا يَـشِـيـدُهُ سِحْـرُ
عينيكِ وإلـهامُ حُسْنِـكِ المعبـودِ وحـرامٌ عليـكِ أَنْ تهدمـي مـا
شَادهُ الحُسْـنُ فِي الفؤاد العميـدِ وحـرامٌ عليـكِ أَنْ تَسْحَـقـي
آمالَ نفسٍ تصبـو لِعَيـشٍ رغيـدِ منكِ ترجو سَعَـادَةً لـم تـجدْهَا
فِي حياةِ الوَرى وَسِحْـرِ الوجـودِ فالإلهُ العظيـمُ لا يَرْجُـمُ العَبْـدَ
إذا كـان فِي جَـلال السُّجـودِ