نعم، كانت بلدهم.. ونحن الضيوف.. وعندما يكون الضيوف من الدرجة العاشرة وغير مرغوب فيهم، فمن حق أصحاب البيت ان يتحكموا فيهم كيفما شاءوا خاصة إذا رأوا ان اقامتهم قد طالت.. وهنا فانهم يمنون عليهم برقيع الملبس.. وفتات المأكل.. وحضيض المسكن.
كانت مصر قبل ثورة ٥٢ يناير ١١٠٢ وطنا ووكرا للفاسدين فقط.. القوة المدفوعة بتحالف السلطة الفاسدة مع المال أشعرتهم أنهم ورثوا مصر عن آبائهم واجدادهم، وانهم قادرون علي توريثها لأولادهم وأحفادهم من بعدهم.. أما الشعب فلا يزيد عن كونه مجموعة من الخدم.. ولأن الخادم يجب ان يكون مطيعا فان أي خروج له عن المألوف يعني انه قاصر.. ويعني وقوعه تحت طائلة الترويع والتجويع.. وانه لابد من تأديبه واصلاحه في دهاليز التعذيب بجهاز أمن الدولة.. جهاز أمن الدولة الذي انكشف المستور بحرق عدد من مقاره مؤخرا وكشفت بعض المستندات التي نجحت من حريقه عن فضيحة بجلاجل!
اننا إذا ما نظرنا إلي المليارات المنهوبة والأراضي التي تم حرمان الشعب منها وأهداها المسئولون لحلفائهم وشركائهم في المنفعة وعمليات التربح، إذا ما نظرنا إلي هذا كله لتأكدنا -وعن يقين- ان قيادات النظام السابق لم يكن عندهم الوقت للتفرغ لأداء المهام الموكلة اليهم والي ينبغي ان تصب في النهاية في مصلحة الشعب.. كانوا مشغولين ومهمومين بأعمال السرقة والسلب والنهب لتعظيم أرصدتهم في البنوك المحلية والأجنبية.. وسبحان الله، كانت لديهم قوة خارقة في انجاز المهمة الأخيرة.. الواحد منهم يبذل جهدا في النهار لاعداد توليفة من أخطر التصريحات الكاذبة.. ثم يكرر الجهد أثناء الليل في التفكير والتخطيط لسرقاته في اليوم التالي!.. وحتي تكتمل صورة الخداع نراه يؤسس الجمعيات الخيرية لرعاية الغلابة والمساكين، ويتبين في النهاية انه يتصدق من المال المسروق وان أعمال الخير ما هي الا قناع يخفي وجه رجل البر والنهب!
> يبقي التساؤل: الشرطة يجب ان تعود لتحقيق الأمن، واستمرار غيابها يثبت ضدها العديد من الاتهامات.. وإذا كانت عودتها مرهونة بثقة الناس فيها، فهذا أمر في أيدي وزيرها وقياداتها.. بممارسة سلوكيات تؤدي لحب الناس لها، مثل حبهم للعميد أحمد عاصم الذي جعل المواطن يشعر بأهمية الانضباط المروري من خلال أخلاقه وتواضعه.. ومثل مدير أمن قنا الذي حمله الناس علي الأعناق رافضين نقلة لمحافظة أخري.