موت أسامة بن لادن هو لحظة فارقة في تاريخ الحركة الإسلامية المتشددة التي كان يرفع لواءها.. فهل سيكون بن لادن وهو ميت خطيرا بنفس القدر كما كان وهو حي.
أسامة بن لادن كان قد تنبأ بأنه لن يؤخذ أسيرا أبدا، وأنه إن مات فإن أعدادا لا تحصى ستسير على دربه من بعده.
النبوءة الأولى ثبت صدقها.. ولكن الثانية ستكون الآن موضع اختبار.
ومن الواضح أن المسؤولين الأمريكيين يشعرون الآن بسعادة غامرة بعد مقتل عدوهم الأول.
ولكن لا بد أنهم يتساءلون كذلك عما إذا كان شبح بن لادن سيظل يطاردهم بعد موته مثلما كان يفزعهم في حياتهم.
ولعل حقيقة مسارعة المسؤولين الأمريكيين إلى إعلان أنهم ألقوا جثمان بن لادن في البحر تشير إلى رغبة واشنطن بالقضاء على أي احتمال لإن يتحول إلى شهيد.
ولكن ذلك الإجراء يفتح الباب أمام الجدل بشأن نظريات وافتراضات بشأن مقتل بن لادن، بل وما إذا كان قد قتل أصلا.
وكان واحدا من أهم التساؤلات التي أعقبت الإعلان عن مقتل بن لادن هو محاولة استكشاف رد الفعل الباكستاني.
فقد كان بن لادن واحدا من أكثر الشخصيات المسببة للإنقسام على مستوى الدولة والشارع في باكستان، وفيما كان بعض الباكستانيين يمقتونه كان آخرون يرونه مثالا للبطولة وإنكار الذات.
ولذا من المرحج أن تخرج مظاهرات غاضبة في شوارع المدن الباكستانية.
ولكن ماهو رد فعل السلطات الباكستانية على مستوى الدولة.
المرجح أن تشعر تلك السلطات بحرج بالغ نظرا لإن بن لادن كان يعيش على الأرض الباكستانية ، رغم النفي الرسمي لذلك ، بل كان يعيش على مرمى حجر من العاصمة الباكستانية إسلام أباد.
ولعل هذا ما جعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبدو حريضا على التأكيد على أن الأوامر التي صدرت للوحدة التي نفذت اغتيال بن لادن كانت صارمة فيما بتعلق بتجنب إلحاق أي أذى بالمدنيين.
ومالم يكشف عنه أوباما هو هل كانت باكستان ضالعة في العملية، ويشك كثيرون في أن باكستان لابد وأنها كانت على علم بها.
ويبقى سؤالان مهمان في انتظار الإجابة: هل بقي لتنظيم القاعدة أي مستقبل بعد أسامة بن لادن ، وكيف سيكون رد التنظيم على لطمة مقتل زعيمه؟
الإجابة هي أنه على المدى القصير بدأت الإدارة الأمريكية بالفعل في الاستعداد لهجمات انتقامية من جانب القاعدة سواء ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، أو حتى السيناريو الأكثر رعبا وهو الهجوم على الأراضي الأمريكية.
اما على المدى الطويل فإن السؤال الذي يراود المحللين ولا تبدو له إجابة قاطعة الآن فهو ..هل سيقدر لتنظيم القاعدة البقاء.
هناك من يقول إنه منذ بداية العام الحالي أدت الثورات التي شهدها وما يزال يشهدها العالم العربي إلى تضييق الساحة أمام تنظيم القاعدة للقيام بأي دور في الشرق الأوسط. وسيكون موت بن لادن بمثابة تعزيز لهذا الاتجاه الطارد لتنظيم القاعدة.
ربما كان ذلك صحيحا. ولكن لابد من ملاحظة أن القضايا الجذرية المرتبطة بظهور تنظيم القاعدة إلى الوجود ما زالت قائمة دون حل.
إن من المؤكد أن موت بن لادن سيفت في عضد حركة الجهاد العالمي، ولكن من غير المرجح أن يقضى عليها.