24- سلسلة دروس التوحيد والسنة
الدرس : التاسع والعشرون :
الإيمان : عند أهل السنة والجماعة :
تعريف الإيمان : اعتقاد بالجنان , وقول باللسان , وعمل بالأركان .
والعمل نوعان , عمل القلب , وعمل الجوارح , هما من حقيقة الإيمان , ولا نخرج أدنى عمل منه – فضلا عن أكبره وأعظمه – عن مسمى الإيمان . وليس من مقالات أهل لسنة : أن الإيمان هو تصديق القلب , أو تصديقه والنطق باللسان – فقط – دون عمل الجوارح , ومن قال ذلك : فهو ضال , وهذا هو مذهب الإرجاء الخبيث .
والإيمان شعب ودرجات , منها ما : ما تركه كفر ومنها : ما تركه – صغائر أو كبائر - , ومنها : ما تركه تفويت للثواب , وإضاعة للأجر .
والإيمان يزيد بالطاعة حتى يصل إلى كماله , وينقص بالمعصية حتى يزول , فلا يبقى منه شيء .
والحق في مسألة [ الإيمان ] و [ العمل ] – وصلة بعضهما ببعض – من حيث التلازم - , نقصا أو زيادة , ثبوتا أو انتفاء – وهو ما تضمنه كلام شيخ الإسلام , وهو قوله – رحمه الله - :
[ واصل الإيمان في القلب , وهو قول القلب وعمله , وهو إقرار بالتصديق , والحب , والانقياد . وما كان في القلب [ فلا بد ] أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح . وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه , < دلّ على عدمه أو ضعفه > . ولهذا كانت < الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه > , وهي شعبة من مجموع < الإيمان المطلق > , وبعض له .لكن ما في القلب : هو الأصل لما على الجوارح ] .
تنبيه هام جدا : انتفاء الإيمان المطلق – وهو كماله – لا يلزم منه نفي < مطلق الإيمان > وهو أصله - , كما قرره شيخ الإسلام – رحمه الله – في مواضع .
وأعمال الجوارح – عدا الصلاة – على ما سيأتي تفصيله – إن شاء الله – إما أن تكون من كمال الإيمان الواجب , أو كماله المستحب , كل بحسبه - , كما تقدم في كلام شيخ الإسلام - , فواجبها واجب , ومستحبها مستحب .
تنبيه هام : مصطلح < شرط الكمال > - الذي كثر الخوض فيه – اليوم - : فإنه مصطلح حادث لم يرد في الكتاب ولا في السنة , ولا في أقوال السلف الصالح من أهل القرون الثلاثة الخيرية .
وعليه , فإن استعماله وفق البيان التفصيلي – المتقدم – لا مشاحّة فيه - , مع التنبيه إلى أن ذكر < الشرط > - فيه – لغوي – بمعنى أعلى درجات الواجب - , لا اصطلاحي – بما يلزم منه الخروج عن ما هية الشيء .
وأما فهم هذا المصطلح على معنى < الكمال المستحب > أو < إخراج العمل من مسمى الإيمان > , أو أن < العصاة كاملو الإيمان > - كما فهمه المرجئة أو من تأثر بهم - فكل ذلك ضلال وباطل .
الكفر عند أهل السنة والجماعة :
التكفير حكم شرعي , مرده إلى الله – تعالى – ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ومن ثبت إسلامه بيقين , لم يزل عنه ذلك إلا بيقين . وليس كل قول أو فعل – وصفته النصوص بالكفر – يكون كفرا اكبر مخرجا عن الملة , إذ الكفر كفران : أصغر وأكبر , فالحكم على هذه الأقوال – أو الأفعال – إنما يكون على نسق طريقة علماء أهل السنة , وأحكامهم .
ولا يجوز إيقاع حكم التكفير على أي مسلم , إلا من دل الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة , صريحة بينة , فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن . وقد يرد في الكتاب والسنة ما يفهم منه أن هذا القول أو العمل أو الاعتقاد : كفر ولا يكفر به أحد – عينيا – إلا إذا أقيمت عليه الحجة : بتحقق الشروط – علما وقصدا واختيارا – وانتفاء الموانع – وهي عكس هذه , وأضدادها .
والكفر أنواع : جحود , وتكذيب , وإباء , وشك ,ونفاق , واستهزاء , واستحلال , كما ذكره أئمة العلم , شيخ الإسلام وتلميذه ابن قيم الجوزية , وغيرهما من أئمة السنة – رحمهم الله تعالى .
ومن الكفر العملي – والقولي – ما هو مخرج من الملة بذاته , ولا يشترط فيه استحلال قلبي , وهو ما كان مضادا للإيمان من كل وجه , مثل : سب الله - تعالى - , وشتم الرسول صلى الله عليه وسلم , والسجود للصنم , وإلقاء المصحف في القاذورات .............. وما في معناها .
وتنزيل هذا الحكم على الأعيان – كغيره من المكفرات – لا يقع إلا بشرطه المعتبر .
تنبيه هام : يقول أهل السنة : إن العمل الكفري < كفر > يكفر صاحبه , لكونه يدل على كفر الباطن , ولا نقول – كما يقول أهل البدع - : < العمل الكفري ليس كفرا , لكنه يدل على الكفر > , والفرق بين القولين أن أهل السنة والجماعة يعتبرون أن الأعمال من الإيمان وأن بعض الأعمال كفريه ويكفر من يعملها < بتوفر الشروط وانتفاء الموانع > , وأما المرجئة فلا يعتبرون الأعمال من الإيمان < يخرجون الأعمال من مسمى الإيمان > والأعمال عندهم لا تؤثر في الإيمان زيادة أو نقصا , لأن الإيمان عندهم إما [ قول أو تصديق أو الاثنين معا ] كما سيأتي بيانه في درس آخر عندما نتناول فرقة المرجئة .
وكما أن الطاعات من شعب الإيمان , فإن المعاصي من شعب الكفر – كل بحسبه .
تنبيه هام جدا : أهل السنة لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بالكبائر , ويخافون عليهم تحقق نصوص الوعيد فيهم , غير أنهم لا يخلدون في النار , بل يخرجون بشفاعة الشافعين , ورحمة رب العالمين , لما معهم من التوحيد .
والتكفير بالكبائر مذهب الخوارج الخبيث .
ahsnemail@yahoo.com عقيل حامد