وقوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ...}
رُفعن وأسماؤهن فى أوّل
الكلام منصوبة؛ لأن الكلام تمّ وانقضت به آية، ثمّ استؤنفت {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}
فىآية أخرى، فكان أقوى للأستئناف، ولو تمّ الكلام ولم تكن آية لجاز أيضا الاستئناف؛
قال الله تبارك تعالى: {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً. رَبُّ السَّمَوات
وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنُِ} "الرحمن" يرفع ويخفض فى الإعراب، وليس
الذى قبله بآخر آية. فأما ما جاء فى رءوس الآيات مستأنفا فكثير؛ من ذلك قول الله:
{إنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} إلى قوله:
{وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. ثم قال جل وجهه: {التَّائِبُونَ
الْعَابِدُونَ الْحامِدُونَ} بالرفع فى قراءتنا، وفى حرف ابن مسعود "التائِبِين
العابِدِين الحامِدِين". وقال: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ
الْخَالِقِينَ.اللهُ رَبُّكُمْ} يُقرأ بالرفع والنصب على مافسّرت لك. وفى قراءة
عبدالله: "صُمّاً بُكْماً عُمْياً" بالنصب. ونصبُه على جهتين؛ إِن شئت على معنى:
تركهم صمّاً بكما عميا، وإن شئت اكتفيت بأن توقع التَرك عليهم فى الظلمات، ثم
تستأنف "صُمّاً" بالذمّ لهم. والعرب تنصب بالذمّ وبالمدح؛ لأن فيه مع الأسماء مثل
معنى قولهم: وَيْلاً له، وثَوَاباً له, وبُعْداً وسَقْياً ورَعْياً.
{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ
وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ
الْمَوْتِ واللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ }
وقوله: {أَوْ
كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَآءِ...}
مردود على قوله:
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً}.
{أَوْ كَصَيِّبٍ}: أو كمثل
صيِّب، فاستُغنى بذكر {الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَاراً} فطُرِح ما كان ينبغى أن يكون مع
الصيّب من الأسماء، ودلَّ عليه المعنى؛ لأن المَثَل ضُرِب للنفاق، فقال: {فِيهِ
ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌٌ} فشبّه الظلمات بكفرهم، والبرقَ إذا أضاء لهم فمشوا
فيه بإيمانهم، والرعد ما أتى فى القرآن من التخويف. وقد قيل فيه وجه آخر؛ قيل: إن
الرعد إنما ذُكِر مَثَلا لخوفهم من القتال إذا دُعُوا إليه. ألا ترى أنه قد قال فى
موضع آخر: {يَحْسَبونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} أى يظنُّون أنهم أبداً
مغلوبون.
ثم قال: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ
حَذَرَ الْمَوْتِ} فنصب "حَذَرَ" على غير وقوعٍ من الفعل عليه؛ لم ترد يجعلونها
حذرا، إنما هو كقولك: أعطيتك خَوْفاً وفَرَقاً. فأنت لا تعطيه الخوف، وإنما تعطيه
من أجل الخوف؛ فنصبه على التفسير ليس بالفعل، كقوله جل وعز: {يَدْعُونَنَا رَغَباً
وَرَهَباً}. وكقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} والمعرفة والنكرة
تفسِّران فى هذا الموضع، وليس نصبه على طرح "مِن". وهو مما قد يستدل به المبتدئ
للتعليم.
{ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ
كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ
وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }
وقوله: {يَكَادُ
الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ...}
والقّراء تقرأ "يَخَطِّفُ
أَبْصاَرَهُمْ" بنصب الياء والخاء والتشديد. وبعضهم ينصب الياء ويخفض الخاء ويشدد
الطاء فيقول: "يَخِطِّفُ" وبعضهم يكسر الياء والخاء ويشدّد فيقول: "يِخِطِّفُ".
وبعضٌ من قرَّاء أهل المدينة يسكِّن الخاء والطاء فيجمع بين ساكنين فيقول:
"يَخْطِّف". فأما من قال: "يَخَطِّفُ" فإنه نقل إعراب التاء المدغمة إلى الخاء إذ
كانت منجزمة. وأما من كسر الخاء فإنه طلب كسرة الألف التى فى اختطف والاختطاف؛ وقد
قال فيه بعض النحويين: إنما كسرت الخاء لأنها سكنت وأُسكنت التاء بعدها فالتقى
ساكنان فخفضتَ الأوّل؛ كما قال: اضربِ الرجل؛ فخفضتَ الباء لاستقبالها اللام. وليس
الذي قالوا بشئ؛ لأن ذلك لو كان كما قالوا لقالت العرب فى يَمُدّ: يَمِدّ؛ لأن
الميم (كانت) ساكنة وسكنت الأولى من الدالين. ولقالوا فى يَعَضّ: يَعِضّ. وأما من
خفض الياء والخاء فإنه أيضا مِن طَلَبِه كسرة الألف؛ لأنها كانت فى ابتداء الحرف
مكسورة. وأما من جمع بين الساكنين فإنه كمن بنى على التبيان؛ إلا أنه إدغام خفىّ.
وفى قوله: {أَم مَّنْ لاَ يَهِدِّى إلاَّ أَنْ يُهْدَى} وفى قوله: {تَأخُذُهُمْ
وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} مثل ذلك التفسير * إلا أَن حمزة الزيات قد قرأ: "تَأخُذُهُمْ
وَهُمْ يَخْصِمُونَ" بتسكين الخاء، فهذا معنى سوى ذلك *
وقوله: { كُلَّمَا
أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ...}
فيه لغتان: يقال:
أضاءَ القمرُ، وضاءَ القمرُ؛ فمن قال ضاء القمرُ قال: يضوء ضَُوءا. والضّوء فيه
لغتان: ضم الضاد وفتحها.
{وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْْ} فيه لغتان: أظلم الليل
وظَلِم.
وقوله: { وَلَوْ شَآءَ
اللَّهُ لَذَهَبَْ...} المعنى - والله أعلم -: ولو شاء الله لأذهب سمعهم. ومن شأن
العرب أن تقول: أذهبت بصره؛ بالألف إذا أسقطوا الباء. فإذا أظهروا الباء أسقطوا
الألف من "أذهبت". وقد قرأ بعض القرّاء: "يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يُذْهبُ
بِالأَبْصَارِ" بضمّ الياء والباء فى الكلام. وقرأ بعضهم: "وَشَجَرَةً تَخْرُجُ
مِنْ طُورِ سَينَاءَ تُنْبِتُ بالدُّهْنِ". فترى - والله أعلم - أن الذين ضمُّوا
على معنى الألف شبَّهوا دخول الباء وخروجها من هذين الحرفين بقولهم: خذْ بالخطام،
وخُذِ الخطامَ، وتعلَّقتُ بزيدٍ, وتعلَّقتُ زيدا. فهو كثير فى الكلام والشعر، ولستُ
أستحبُّ ذلك لقلَّته، ومنه قوله: {آتِنَا غَدَاءَنَا} المعنى - والله أعلم - ايتنا
بغدائنا؛ فلما أسقِطت الباء زادوا ألفا فى فعلت، ومنه قوله عزَّ وجلَّ: {قَالَ
آتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً} المعنى - فيما جاء- ايتونى بقِطر أُفرِغ عليه،
ومنه قوله: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ} المعنى - والله
أعلم - فجاء بها المخاض إلى جذع النخلة.
{ وَإِن
كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن
مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
}
وقوله: {فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِِ...}
الهاء كناية
عن القرآن؛ فأتوا بسورة من مثل القرآن. {وَادْعُواْ شُهَدَآءَكُمْ} يريد آلهتكم.
يقول: استغيثوا بهم؛ وهو كقولك للرجل: إذا لقِيت العدوّخاليا فادع المسلمين.
ومعناه: فاستغث واستعن بالمسلمين.
{ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن
تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ }
وقوله:
{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...}
الناس وقودها والحجارة وقودها. وزعموا
أنه كبربت يُحمى، وأنه أشدّ الحجارة حرّا إذا أحميت. ثم قال: {أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ} يعنى النار.
وقوله: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً} اشتبه عليهم،
فيما ذكر فى لونه، فإذا ذاقوه عرفوا أنه غير الذى كان قبله.
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ
مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ
أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ
أَرَادَ اللَّهُ بِهَاذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً
وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ }
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لاَ
يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا
فَوْقَهَا...}
فإن قال قائل: أين الكلام
الذى هذا جوابه، فإنا لا نراه فى سورة البقرة؟ فذكِر لنا أن اليهود لما قال الله:
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ
الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} قال أعداء الله: وما هذا من الأمثال؟ وقالوا
مثل ذلك عند إنزاله: {يَأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ
الَّذِينَ تَدْعُونَ منْ دُون اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً} - إلى قوله -
{ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} لذِكرِ الذباب والعنكبوت؛ فأنزل الله: {إِنَّ
اللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}.
فالذى "فَوْقَهَا" يريد أكبر منها، وهو العنكبوت والذباب. ولو جعلت فى مثله من
الكلام "فما فوقها" تريد أصغر منها لجاز ذلك. ولست أستحسنه؛ لأن البعوضة كأنها غاية
فى الصغر، فأحَبُّ إلىّ أن أجعلَ "مَا فوقها" أكبر منها. ألا ترى أنك تقول: يُعطَى
من الزكاة الخمسُون فما دونها. والدرهمُ فما فوقه؛ فيَضيقُ الكلامُ أن تقول: فوقَه؛
فيهما.أو دونَه؛ فيهما. وأما موضع حسنها فى الكلام فأن يقول القائل: إن فلانا
لشريف، فيقول السامع: وفوق ذاك؛ يريد المدح. أو يقول: إنه لبخيل، فيقول الآخُر:
وفوق ذاك، يريد بكليهما معنَى أكبرَ. فإذا عرفتَ أنتَ الرجل فقلتَ: دونَ ذلك؛
فكأنّك تحطّه عن غاية الشّرف أو غايةِ البُخل. ألا ترى أنك إذا قلتَ: إنه لبخيلٌ
وفوق ذاك, تريد فوقَ البخل، وفوق ذاك، وفوق الشّرف. وإذا قلت: دون ذاك، فأنت رجلٌ
عرفته فأنزلَته قليلاَعن دَرَجته. فلا تقولنّ: وفوق ذاك، إلا فى مدح أو ذمّ.
قال
القرّاء: وأما نصبهم "بعوضة" فيكون من ثلاثة أوجه: أوّلها: أن تُوقع الضّربَ على
البعوضَةِ، وتجعلَ "ما" صلةً؛ كقوله: {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}
[يريد عن قليل] المعنى - والله أعلم - إن الله لا يستحي أن يضرب بعوضة فما فوقها
مثلاً.
والوجه
الآخر: أن تجعل "ما" اسما، والبعوضةَ صلةً فتُعرّبها بِتَعْريب "ما". وذلك جائز فى
"مَنْ" و "ما" لأنهما يكونان معرفة فى حال ونكرة فى حال؛ كما قال حسَّان بن
ثابت:
فَكَفَى بِنا فَضْلاً علَى مَنْ غَيْرِنا * حُبُّ النَّبِىءِ مُحَمّدٍ
إِيّانا
[قال الفرّاء: ويروى: * ...على مَنْ
غَيرُنا *] والرفع فى "بعوضة" ها هنا جائز، لأن الصلة تُرفَعُ، واسمها منصوب
ومخفوض.
وأما الوجه الثالث - وهو أحبها إلىّ - فأن تجعل المعنى على: إن الله لا
يستحي أن يضرب مثلا ما بين بعوضة إلى ما فوقها. والعربُ إذا ألْقَتْ "بَيْنَ" من
كلام تصلُح "إِلَى" فى آخره نصبوا الحرفين المخفوضين اللذين خفض أحدهما بـ "بَيْنَ"
والآخر بـ "إلى". فيقولون: مُطرْنا ما زُبالَةَ فالثّعْلبيةَ، وله عشرون ما ناقةً
فجملاً، وهى أحسن الناس ما قَرْناً فقدَماً. يراد به ما بين قرنها إلى قدمَها.
ويجوز أن تجعل القرن والقدم معرفة, فتقول: هى حسنةٌ ما قرنَها فقدمَها. فإذا لم
تصلح "إلى" فى آخر الكلام لم يجزْ سقوطُ "بَيْن"َ؛ مِن ذلك أن تقول: دارى ما بَيْنَ
الكوفة والمدينة. فلا يجوز أن تقول: دارى ما الكوفةَ فالمدينةَ؛ لأن "إلى" إنما
تصلح إذا كان ما بين المدينة والكوفة كلُّه من دارك، كما كان المطر آخذا ما بين
زُبالةَ إلى الثَّعلبية. ولا تصلح الفاء مكانَ الواو فيما لا تصلح فيه "إلى"؛
كقولك: دار فلان بَيْنَ الحِيرة فالكوفة؛ مُحالٌ. وجلست بين عبد الله فزيدٍ؛ محالٌ،
إلا أن يكون مقعدُك آخداً للفضاء الذى بينهما. وإنما امتنعت الفاءُ من الذى لا تصلح
فيه "إلى"؛ لأن الفعل فيه لا يأتى فيتَّصلَ، "وإلى" تحتاج إلى اسمين يكون الفعل
بينهما كَطْرفةِ عَيْنٍ، وإن قَصُر قدرُ الذى بينهما مما يوجد، فصلحت الفاءُ فى
"إلى" لأنك تقول: أخذ المطرُ أوّلَه فكذا وكذا إلى آخره. فلمَّا كان الفعل كثيرا
شيئا بعد شىء فى المعنى كان فيه تأويلٌ من الجزاء. ومِثْلُه أنهم قالوا:
إن
تأتنى فأنت
مُحسنٌ. ومحال أن تقول: إن تأتنى وأنت محسن؛ فرضُوا بالفاء جوابا فى الجزاء ولم
تصلح الواو.
قال الكسائىّ: سمعت أعرابيّا ورأى
الهلال فقال: الحمد لله ما إِهلالَك إلى سَرارِك. يريد ما بين إِهلالِك إلى سرارك؛
فجعلوا النصب الذى كان يكون فى "بَيْنَ" فيما بعدَه إذا سَقَطت؛ ليُعلم أنّ معنى
"بَيْنَ" مُرادٌ. وحكى الكسائىّ عن بعض العرب: الشّنَقُ: ما خَمْسا إلى خمس وعشرين.
يريد ما بين خمس إلى خمس وعشرين. والشَّنَق: ما لم تجب فيه الفريضة من الإبل.
والأَوْقاص فى البقر.
وقوله: {مَاذَآ أَرَادَ اللَّهُ
بِهَاذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً...}
كأنه قال -
والله أعلم - ماذا أراد الله بمثل لا يعرفه كل أحد يضل به هذا ويهدى به هذا. قال
الله: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ}.